حكاية بائس
خاطرة بقلم: دي بروين
لم
يعد هنالك داع لوجودك.
لن
ينفعك الندم، ولن تسترجع الأيام الخوالي لتصلح الأخطاء. قل لي الآن أين ذاك الصديق
الذي كان بجانبك دائما؟ أين هم الإخوة؟ أين هم أصدقاء الدراسة والعمل؟ أين ذاك
الأب الحنون الذي كنت تلجؤ إليه كلما قسى عليك الدهر واشتد بك الحال؟ أين هي أمك
التي كنتَ تعانقها دائما وتقبل يديها كل صباح؟ لقد مات الكل ولم يبق لك أي شيء على
الاطلاق.
شيء واحد بقي عالقاً في ذهنك ولم يغب عن عينيك
ولو للحظة واحدة. إنها تلك اللية التي اتصل فيها أبوك ليخبرك أن أمك مريضة جداً، ويجب
أن تأخذها إلى المستشفى، ومن بين الخمور والسجائر التي كنت غارقاً فيها تردُ عليه أنك
ستأخذها حين تعود، لكن هيهات هيهات، ويا ليتك لم تعد.
لقد
غادرت الحنونة قبل قدومك. كم بكيت وكم ندمت وما ينفع الندم وقتها؟ كم جلست على قبرها تبكي وتلطخ وجهك بالتراب
وتبلل الأرض دموعاً. يقول إنك قد جننت أو أن لعنة أمك حلت بك، لم يدري أحد مدى
حبها الطاهر لك بكل عيوبك ومساوئك. إنها بضعة أيام ليلحق الأب العطوف بوالدتك التي
لم يتحمل فراقها. لم يتحمل رحيل الحب الصادق الذي جمع بينهما طوال السنين. لم تفعل
أي شيء. لقد بقيت طوال الوقت في ذاك الركن من البيت صامتاً لا تتحرك، لا أنت تبكي
لتخفف الألم، ولا أنت تتحدث ليعلم الناس أنك على قيد الحياة، والآن أنت هنا وحيد
تنتظر الموت في جوف اليل البارد تحتسي القهوة التي يزينها دخان السجائر المار فوقها،
وتنظر إلى الدنيا وهي مجردة من كل الألوان. يمر أمام عينك ذاك الشريط مراراً وتكراراً ليشعل في قلبك نار الندم التي تعذبك عن
كل لحظة تركت والديك فيها. أنت المسؤول عن كل ما يحدث لك أيها البائس.
-
لا
تلق بنفسك فهناك ألف سبب لوجودك.
#دي_بروين
0 التعليقات: