نوستالجيا الرمال والناقة لـ هشام حاكمي

ديسمبر 06, 2018 Unknown 2 تعليقات












مختفية أنت يا شمس بلدي كما هو الأمل، لا الدفئ وجدنا ولا الصدر الرحب كان لنا حظا. لكن القسوة والشراسة كانت لنا تربية، وليس ببعيد عنا فكنا نحن والنوق واحد. شريكي أرض وطباع ومصير، أبناء الصحراء والرمال اقتادنا القدر لإطلاق أولى الصرخات بسمائك الجافة، ودفعنا بقلوبنا لفخ الحنين.

لم تمدينا يوما بغير الجمود والسكون، وقاسية أنت كما هو حرك.. كلما سطعت شمسك استنزفت قطيرات الماء من أرضك وجريعات الحنان من صدور معمريك. وأنبتت أرضك النخل ونحن، كلانا نشأ على امتصاص جريعات أمل وتقمص الصبر المطاق والذي فوقه، نشأنا على صخر الصلابة وسوط جلاد الإنتماء وبدل الأنين فرش النخل سعفا أخضرا يحي القادم، وفرشنا نحن أبناؤك ابتسامة رضى ظننته تربية ويؤسفنا أن نخبرك أنه نفاق.. أجل يا أرضنا الصلدة! فالجرح الأول كان من توقيعك، وكابرنا أنفسنا لنقف على ساقين احترقتا على نصب أيام عجاف اشتعلت تحتها نيران شمسك الحارقة.

وبعد أن أسحب النصل المائة بعد المليون الذي يخترق ظهري أسألك ما بال ساكنتك بهذه القسوة والجحود؟ ولما كنا ننتظر الحب وورودا تقذف بوجوهنا ها هم يمخرون ظهرنا بالمدية المصقولة بسم الحقد والدونية الواحدة تلو الأخرى.. ولو اخترنا لكنا أزهار نرجس أو ياسمين، أو ربما لكنا برتقال. لكن يد القدر أخمدتنا نخيلا على رمالك التائهة.

وبعد حين استفقنا للم أطرافنا التي غدت شتاتا على أرض الله، هل تعلمين يا صحراء أن النخل على مقربة من الشاطئ استنزفه الشوق، والنوق بعد سنوات هجرها ضاقت ذرعا ببعدها عنك. فكت معاقلها وغير مبالية بالأكل الرطب الحنون، جعلت قلبها بوصلة وولت وجهها شطرك يا صاحبة الرمال الزاحفة..

والخيمة يا حبيبتنا القاسية ها هي ذات الخيمة، والوادي لا يزال جافا، وتيمة الحب لا تزال مفقودة من قواميس رعيتك. لكنك الوطن!! ولربما كانت القسوة أسلوب تعبير عن حبك أ يا أما تطردنا ونعود. فسنوات البعد علمتنا أنك تخفين الضعف بالقسوة، وعلى طبيعتك اكتسى أهلك حلل الطباع، فلا أضعف ولا أحن من رمالك. ولا أطيب من النخل تمززت جذورها الثرى بحثا عن شربة بعيدة لكن فيئها غطى ورطابها حلا ثغر كل من جاء سائح. ولا أرهف من الناقة دقت أوتادها على رمالك حوارا تملأ رمالك حياة، وغدا ستصير نوقا هي أيضا لكن ملؤها طيبة مغشاة بقسوة تداري الضعف، لكنها لن تخونك فالحنين لليالي الدفئ الذي يقذفه الإنتماء بقلوبها دائم ليوم ليس له تاريخ..

هناك تعليقان (2):