أنين الروح

نوفمبر 19, 2018 Unknown 0 تعليقات






عبد الحق مغراوي




بالأمس القريب، كنتُ أمضي وقتي في المرح مع الأصدقاء، وأسبحُ في برك الوادي دون اكتراث للعواقب. كنت أنقاد وراء نفسي وأهوائي. وهذا الأنين المشتعل في أعماق الروح يكاد يخنقني.

بالأمس القريب كنت أفرح. أضحك. أبكي. أصرخ. أملأ شدقي بالماء. لازالت الجدران تُردد صيحاتي ولا زال ترابُ الأزقة يحفظ بصماتي. تركتُ خلفي دراجتي. كرتي. محفظتي. لوحة رسمي. مذكرة خواطري وأشعاري. رزمة أشيائي. تركت وتركت وتركت ...

أنا اليوم خليلُ الظلام. هذا البياضُ وهذا التراب يعانقني. أهاتفكم فهل من إجابة؟ روحي بجانبكم،  ألا تسمعونني؟ ألا ترونني؟ أنا رفيقُ الأمس. أنا من كنتُ ألاعبكم؟ أضحك معكم. لما هذا الصمت القاتل؟ لماذا هذا النسيان؟ أخبروني؟ هل نسيتم صوتي وضحكاتي؟ كيف حالكم ؟كيف حال إخواني؟ كيف حال أمي؟ أبي؟ أصدقائي؟ حدثوني عن ذلك القلب المكلوم؟ عن ضحكاته؟ عن حنانه؟ عن حبه؟ أخبروه أنني لم أقدر التأخر عن أواني؟ أخبروها أنني بأمان هنا بين يداي الرحمان، فقد إستجاب دعائي. نعم دعوت ُبالموت قبلك. أخبروها أنني أفترش التراب وهو اليوم غطائي.

سألتكم فلم تجاهلتموني؟ فهلا أنتم سألتمونني. اسألوني عن الدنيا وسأخبركم أنها فانية. إسألوني عن العمر وسأقول لكم أنه عند الله لا يساوي شيء. هنا، لا جاه ينفع ولا مال يدفع. هنا تُوفى كل نفس ما عملت هنا. توجد عملتان: سيئة وحسنة. هنا صحةٌ بلا مرض. هنا حياة بلا موت. هنا لا عطش ولا جوع. هنا فرحة لا يتبعها حزن. لازلتُ أسألكم من الميت أنا أم أنتم؟

إهداء لكل نفس شابة غادرتنا إلى دار البقاء.

0 التعليقات: